لا يقتصر الأمر في عالم الأعمال على أن يكون لديك إستراتيجية جيدة فحسب، فالتنفيذ هو الركيزة الرئيسية لنجاحها، فقد تتلاشى أفضل الخطط، وتذهب جفاءً إن لم تكن منفذة بطريقة صحيحة. وهنا يتبادر إلى ذهنك سؤالاً لطالما انشغلت به الكثير من المنظمات وهو: كيف يتسنى لك أن تضمن أن يسير تنفيذ استراتيجيتك على ما يُرام؟ الخبر السار في الأمر هو أن ثمة خطوات يمكنك اتباعها للانتقال باستراتيجيتك من طور النظرية إلى طور التنفيذ؛ وبالتالي تحقيق أهدافك، فضلًا عن العوامل الرئيسية المتعددة، والتي تؤخذ في الاعتبار عند التنفيذ، بدءًا بوضع أهداف واضحة ثم التواصل الفعال بشأنها، وصولًا لرصد ما أحرز من تقدُّم فيها. ويتناول هذا المقال عرضًا لبعضٍ من أفضل الممارسات التي من شأنها أن تُكلل تنفيذ استراتيجيتك بالنجاح، سواء أكنت صاحب شركة مُخضرم، أو كنت تخطو أولى خطواتك على طريق الأعمال، حيث تجد رؤى قيمة ونصائح عملية من شأنها أن تساعدك في تطبيق استراتيجيتك على أرض الواقع. والآن لنرى كيف يمكنك أن تُكلل تطبيق استراتيجيتك بالنجاح.
التحديات الشائعة التي تواجه تطبيق الاستراتيجية
قبل أن نشرع في الحديث عن العوامل الرئيسية التي تحقق التطبيق الناجح للإستراتيجية، من المهم أن نفهم بعضاً من التحديات الشائعة التي تواجهها المنظمات.
تتمثل واحدة من كبرى التحديات التي تواجهها المنظمات في الافتقار إلى الموائمة بين الاستراتيجية والتنفيذ، فعادة ما تقوم المنظمات بإعداد استراتيجية رائعة، إلا أنها تخفق في التواصل بشأنها على نحو فعال مع فريقها، يترتب على ذلك ألا يكون أعضاء الفريق قادرين على فهم الإستراتيجية فهمًا تامًا ولا ماهية دورهم في تطبيقها، أي أن الافتقار إلى الموائمة تكون عاقبته الالتباس وانعدام التواصل وحتمًا يؤدي إلى الفشل.
ومن التحديات الشائعة كذلك عدم استيعاب أعضاء الفريق بالإستراتيجية وعدم إيمانهم بجدواها. فإن لم يؤمنوا بجدواها، فقد لا يلتزمون بتطبيقها على نحو تام، وانعدام الالتزام بهذه الصورة من شأنه أن يُسبب عدم بذل الجهد في التطبيق، فضلًا عن الأداء المتراخي، فيكون الإخفاق حتميًا.
وأخيرًا، فقد تواجه المنظمات تحديًا في تطبيق استراتيجيتها نتيجة عدم توافر الأدوات أو الموارد المناسبة، والتي بدونها لا يتمكن أعضاء الفريق من تطبيق الإستراتيجية تطبيقًا فعالًا، مما يترتب عليه الإحباط والإرهاق والفشل في نهاية الأمر.
عوامل رئيسية لنجاح تطبيق الإستراتيجية
والآن إليك الخطوات التي تنقل استراتيجيتك من طور النظرية إلى طور التطبيق العملي الذي يؤتي ثماره بتحقيق أهدافك، وتلك الخطوات هي عبارة عن عوامل رئيسية لتطبيق الإستراتيجية تطبيقًا ناجحًا.
وضع أهداف واضحة
إن أول خطوة تخطيها في طريق نجاح تطبيق استراتيجيتك تتمثل في وضع وتحديد أهداف وغايات واضحة، ويقصد بالوضوح هنا أن تكون أهدافك محددة وقابلة للقياس وقابلة للتحقيق وذات صلة بأعمالك فضلًا عن تقييد تنفيذها بجدول زمني محدد (أي ما يُعرف بالأهداف الذكية) يساعدك وضع أهداف على هذا النحو في أن تضمن أن جميع أفراد فريقك يفهمون ما يحتاجون تنفيذه وخلال أي مدة زمنية.
ومن المهم، وأنت تضع الأهداف والغايات أن تُشرِك أعضاء فريقك في وضعها، بحيث تضمن التزام الجميع بتحقيق هذه الأهداف وموائمتهم معها، فضلا عن أن ذلك يساعدك في تحديد أو عوائق أو تحديات محتملة قد تحتاج إلى التعامل معها.
التواصل الفعال بشأن الإستراتيجية
يُشكل التواصل الفعال جوهر تطبيق الإستراتيجية تطبيقًا ناجحًا، فأنت بحاجة إلى التواصل بشأن استراتيجيتك والأهداف بصورة واضحة ودورية مع أعضاء فريقك، وبذلك تضمن أنكم جميعًا على درجة واحدة من الفهم، وأنهم يستوعبون دورهم في تطبيق الإستراتيجية.
ومن المهم عند التواصل بشأن إستراتيجية منظمتك استخدام مجموعة متنوعة من قنوات التواصل. قد يشمل ذلك البريد الإلكتروني، الاجتماعات، مؤتمرات الفيديو وغيرهم، وكذلك عليك تخصيص عملية التواصل بما يناسب جمهورك. فمثلا، قد تحتاج إلى استخدام لغة أو أمثلة مختلفة عند التواصل مع أعضاء الفريق في الأقسام المختلفة.
رصد التقدم المحرز وتكييف الدورات التدريبة المناسبة
وفور وضع الأهداف الواضحة والتواصل بشأن استراتيجية منظمتك بفاعلية، يصبح من المهم رصد التقدم المحرز في التنفيذ بوتيرة منتظمة، الأمر الذي من شأنه أن يساعدك في تحديد أي عوائق أو تحديات محتملة قد تحتاج إلى التعامل معها، وكذلك، سيساعدك أيضًا في تحديد المجالات التي يتفوق فيها فريقك والمجالات التي قد يحتاجون فيها إلى تلقي دعم إضافي.
واستعن عند رصد التقدم المحرز باستخدام البيانات والمقاييس لتتبع أداء فريقك. سيساعدك ذلك في تحديد الاتجاهات والأنماط التي قد تشير إلى المشكلات المحتملة. يجب أن تكون مستعدًا أيضًا لتعديل المسار إذا لزم الأمر. فإذا حددت عائقًا أو تحديًا، فقد تحتاج إلى تعديل استراتيجيتك أو توفير موارد إضافية أو دعم لفريقك.
تمكين فريقك لتنفيذ الاستراتيجية
يتطلب تنفيذ الإستراتيجية الفعالة جهدًا جماعيًا. لذا، فينبغي لك بصفتك قائد الفريق تمكين أعضاء فريقك من تنفيذ الإستراتيجية بفعالية. قد يشمل ذلك تزويدهم بالموارد والأدوات اللازمة، فضلاً عن الاستقلالية لاتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية عن عملهم.
إن تمكين أعضاء فريقك يعني أيضًا تزويدهم بالدعم والتوجيه الذي يحتاجون إليه للنجاح. قد يشمل ذلك التدريب والتوجيه وتقديم التغذية الراجعة بانتظام. يجب أيضًا أن تكون متاحاً لتلقي التعليقات من أعضاء فريقك، بحيث يساعدك ذلك في تحديد مجالات التحسين وإجراء التعديلات حسب الضرورة.
دور التقنية في تنفيذ الاستراتيجية
يمكن أن تلعب التقنية دورًا مهمًا في تنفيذ الإستراتيجية، فهناك الكثير من الأدوات والأنظمة الأساسية المتاحة التي يمكن أن تساعدك في رصد التقدم المحرز في التنفيذ والتواصل بفعالية وتمكين أعضاء فريقك. على سبيل المثال، يمكن أن تساعدك برامج إدارة المشاريع في تتبع المهام والمواعيد النهائية، بينما يمكن أن تساعدك أدوات التعاون على التواصل والتعاون بفاعلية مع فريقك.
وعند اختيار أدوات التقنية لتنفيذ الإستراتيجية، من المهم اختيار الأدوات التي تتوافق مع أهدافك وغاياتك. عليك أيضًا التأكد من أن أعضاء فريقك مدربون على استخدام الأدوات التي تحددها ويسهل عليهم استخدامها.
دراسات حالة حول التطبيق الناجح للاستراتيجية
نعرض فيما يلي اثنين من دراسات الحالة لبيان مدى أهمية تنفيذ الإستراتيجية وتقديم أمثلة من الواقع على التطبيق الناجح للإستراتيجيات.
دراسة حالة (1): شركة أبل
تشتهر شركة أبل بمنتجاتها المبتكرة واستراتيجياتها التسويقية، غير أنها تشتهر كذلك بتطبيقها الناجح لإستراتيجيتها، فأحد أكثر منتجاتها شهرة ورواجًا – أجهزة الهاتف أيفون- كان ثمرة تطبيق إستراتيجية تطبيقًا ناجحًا.
وتمثلت إستراتيجية أبل في ابتكار جهاز يجمع ما بين الهاتف الجوال ومُشغل الملفات الصوتية ومتصفح الإنترنت، ولتنفيذ ذلك وضعت الشركة أهدافًا واضحة، ثم تواصلت بشأن إستراتيجيتها على نحو فعال مع أعضاء فريقها فضلًا عن قيامها بتمكينهم ودعمهم لتنفيذ الإستراتيجية بتزويدهم بالموارد والصلاحيات اللازمة.
والسبب في نجاح تطبيق إستراتيجية أبل هنا يكمن في قدرتها على طرح جهاز أيفون في الأسواق بسرعة وكفاءة، مما يعني أنها استطاعت أن تتوقع العوائق المحتملة وتتصدى لها، ومن أمثلة تلك العوائق: مشكلات سلسلة الدعم وتحديد الدورات التدريبية حسبما يلزم، فكانت ثمرة ذلك أن أصبح هاتف أيفون أحد أكثر الهواتف شهرة ونجاحًا في التاريخ.
دراسة حالة (2): ستاربكس
يذيع صيت شركة ستاربكس بفضل قهوتها ونجاح استراتيجيتها كذلك، ففي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أطلقت ستاربكس خطة توسع طموحة تهدف لافتتاح آلاف المتاجر الجديدة حول العالم، وبالتالي فقد حددت أهدافها الواضحة، وتواصلت بشأن استراتيجيتها بفاعلية مع أعضاء فريق العمل بها.
ويكمن السبب وراء نجاح استراتيجيتها في قدرتها على التكيف مع الأسواق المحلية مع الاحتفاظ بالقيم الأساسية لعلامتها التجارية، إلى جانب قيامها بتمكين أعضاء فريقها لتنفيذ الاتفاقية وتزويدهم بالموارد اللازمة والدعم. وعلاوة على ذلك، فقد استطاعت ستاربكس أن ترصد التقدم المحرز خلال مراحل تنفيذ الاستراتيجية، وتحدد الدورات التدريبية بحسب ما يلزم، الأمر الذي أدى إلى تحقيق أهداف التوسع التي طمحت إليها.
الخاتمة والنصائح المهمة
وختامًا، فإن تطبيق الإستراتيجية هو جوهر نجاح المنظمة، وكي تضمن تنفيذها بنجاح فأنت بحاجة إلى وضع أهداف واضحة ومحددة والتواصل مع فريق عملك بفاعلية ورصد التقدم المحرز وتمكينهم والاستفادة من وسائل التقنية، ينبغي لك كذلك أن تحدد الدورات التدريبية إن لزم الأمر، وأن تتعلم الدروس المستفادة من نجاحك وإخفاقك.
نصائح مهمة في ضوء ما تضمنه المقال:
تشكل المواءمة بين الإستراتيجية والتطبيق أمرًا جوهريًا.
عليك أن تتواصل مع فريقك بشأن الإستراتيجية والأهداف بجلاء وبصورة منتظمة.
قم برصد التقدم بصفة دورية وحدد الدورات التدريبية الملائمة إن لزم الأمر.
عليك أن تُمكن أعضاء فريقك كي ينفذوا الإستراتيجية بفاعلية.
استغل وسائل التقنية واستفد منها بما يدعم تنفيذ الإستراتيجية.
تعلّم الدروس المستفادة من نجاحك وإخفاقك.
وبذلك، يكون اتباع أفضل الممارسات التي أوردناها وبالتعلم من دراسات الحالة لشركات ناجحة هما سبيلك للانتقال باستراتيجيتك من الطور النظري إلى التنفيذ على أرض الواقع، وبالتالي تحقيق أهدافك.